azhar azhar

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وبعد.

فإن الله تعالى منَّ على هذه الأمة وبين فضلها على سائر الأمم عندما قال فيها (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً)

والوسطية لم تكن زماناً كما لم تكن مكاناً كذلك لم تكن عدداً وإنما كانت وسطية التشريع والأحكام.

ومن هنا تميزت هذه الشريعة من أحكامها بين التشريعات السماوية فلم تتسم بشدة اليهودية ولا برخاوة النصرانية.

كما لم تكن شريعة قاصرة على باب من أبواب الحياة، وإنما كانت شريعة تشمل كل مجالات الحياة من عقائد وأخلاق وعبادات ومعاملات وأحكام سلطانية وأحوال شخصية وأسرية تبين علاقة العبد بربه وعلاقته بنفسه وبغيره من الأقربين والأبعدين كما وبينت علاقته بمن حوله.

كما وكانت شريعة تعنى وتجمع حياة الإنسان ببعديها الروحي والجسدي.

وقد كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم تترجم هذه المعاني فكان المفسر الأول للإسلام.

ومن هنا كان قوله صلى الله عليه وسلم متماشياً وفعله ولم يكن في حياته وسلوكه أي تناقض مع دعوته صلى الله عليه وسلم، ولذلك أحبه من سمعه كما أحبه من عايشه وعاشره صلى الله عليه وسلم.

وإن الله عزّ وجلّ أراد منا أن يترافق قولنا بوسطية الإسلام وأفعالنا ولذلك عاب على قوم يقولون ما لا يفعلون فقال (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).

إن الله جبل النفوس على حب الوسطية في كل شيءٍ، ولذلك قبلت النفوس الطيبة والعقول السليمة الإسلام وعاشت مع أحكامه فصارت مضرب المثل في التقدم والرقي المعرفي، والعقلي، والإنساني، والكوني.

واليوم يعيش المسلمون من حيث الجملة بين شدة لا تطاق ورخاوة لا تغتفر وذلك بسبب ما يمارس على المسلمين من خطط لئيمة وبسبب تجهيل المسلمين بشريعتهم.

لذلك مطلوب منا اليوم أن نعود إلى شريعتنا تعلماً وفهماً وسلوكاً صحيحاً، وأن نجمع بين التحدث عن الشريعة وبين السلوك الذي به تقرأ الشريعة سلوكاً من قبل أتباعها.

ومن هنا فالواجب علينا أن نردّ وصمة الإرهاب ووصمة الرجعية بوساطة عرض الإسلام الصحيح الذي يعيش مع الناس ويعيش الناس معه وليس الإسلام الذي لا يطاق بسبب شدته أو لا يقرأ بسبب التخلي عنه والتفريط فيه.

هذا وقد آن الأوان لتتم المصالحة بين العلماء والمجتمع وبين الفقه والفكر وبين الحاكم والمحكوم وبين الغني والفقير وبين حياة الروح وحياة الجسد حتى نمثل الشريعة الوسطية بحق.

إن سلوك مجتمعاتنا بين إفراط وتفريط وبين شدة ورخاوة جعلت الغير بدلا من أن يعرف حقيقة الإسلام وإذا به يبتعد عن الإسلام بسبب السلوك السلبي لكثيرين منا. وفي ظل هذا الواقع لا أبالغ بقولي نحن في الغالب جزء من خطة الغير في إبعاد الناس عن الإسلام العظيم.

فالأصل أن تكون لنا خطة دعوية على مستوى الداخل والخارج بما يتلاءم والشريعة أولا والحداثة ثانياً.

عندها نعلم أننا جزء من وسطية يألفها الناس وتألفهم.

لقد خطط العدو بلؤم لشبابنا بوساطة قهرهم وما أعد لهم من خطط للانحلال الأخلاقي حتى يكون الشباب بين شدة حمقاء وبين رخاوة عمياء بدلا من أن يكونوا جزءا من صانعي الحياة، وإذا بهم يصبحون جزءًا من المعول الذي يهدم ما بناه السابقون.

وبعد هذا العرض فالمطلوب منا اليوم أن نكون صناعاً لمجتمعنا وألا نكون جزءًا من صناعة الغير.

أن نكون مظهرين لشريعة أرادها الله أن تكون وسطاً وعندها نظهر الإسلام بسلوكنا على حد قول د.  محمد الغزالي رحمه الله تعالى (لا تحدثني عن الإسلام، ولكن أرني الإسلام فيك.

إذن مطلوب منا اليوم أن نتعلم ونعلم شريعتنا كما أنزلها الله سبحانه وتعالى صافية كالماء الذي ينزل من السماء لحياة الناس.

ومطلوب منا ونحن القادرون والذين بأيديهم سعادة وحياة البشرية أن نكون هداة مهديين وألا نكون هدَّامين منفرين.

مطلوب منا أن تحيا الشريعة فينا بوسطيتها فلا تنطع ولا مغالاة ولا تنازل ولا تفريط ولا محاباة ولا نفاق لأن شريعة الله حاجة للحياة كالماء الصافي حلة للأجساد.

لذلك أدعو نفسي ومجتمعي أن نظهر هويتنا بوساطة أفرادنا ومؤسساتنا لنكون عند طموح أمتنا ولنكون سبباً في دعوة غيرنا.

كما وأدعو كل غيور على دينه أن يقرأ الشريعة على أهلها وأن يأخذ الشريعة من نبعها وهم العلماء (يا ابن عمر دينك دينك إنما هو لحمك ودمك خذ عن الذين استقاموا ولا تأخذ عن الذين مالوا).

هذا هو أملنا وإن كنا نعيش قساوة من حولنا علينا، و نبقى نتمسك بالشريعة الإسلامية الغراء، ونشيعها بين الناس ليحيوا بها وهي تزدهر كما تنبت الحبة والنبتة من بين الصخور القاسية.

 

اضف تعليقاً

ابق على اطلاع بالاشتراك بنشرتنا البريدية ...

و ساعدنا في تغيير حياة المزيد