azhar azhar

منذ 7 أشهر

عولمة المرأة المسلمة

الأستاذة صفاء لولو

الأستاذة صفاء لولو

استاذة

العلمانية ظاهرة معاصرة قديمة حديثة وهي من التحديات التي تواجهها المجتمعات العربية والإسلامية، وقد سعت العلمانية بكل قوتها للسيطرة على فكر ومعتقدات الشعوب لطمس هوية الشعوب الثقافية والدينية وخاصة الشعوب الإسلامية حتى تبعدها عن الشرائع السماوية وتجعل لها هوية علمانية مدنية خاصة بها بعيدة عن شريعة السماء.

والتركيز كان ومازال في المرأة لما لها من دور أساسي ومهم في بناء الأجيال والتأثير بأفكارهم ومعتقداتهم،فتأسيس الجمعيات النسوية الخبيثة بما تحمل في طياتها ثقافة محاربة للدين ومغايرة لشخصية المرأة المسلمة ، فهي تسعى لإعطاء المرأة حقوقها عن طريق الاتفاقيات والقوانين الدولية، من مثل  اتفاقية سيداو، في حين الإسلام قد اعتنى بها أيما اعتناء وأعطاها حقوقها كاملة وجعلها جوهرة مصانة يعاقب كل من حاول ظلمها و أذيتها، وحل مشكلاتها في القرآن والسنة النبوية التي ستبقى خالدة على مر الزمان.لكن ما تروج له الآلة الإعلامية الغربية ومعها بالطبع أبواق العلمانية في بلاد الإسلام من تحرير للمرأة الغربية هو بلا شك دعاية كاذبة، لأن المرأة الغربية لم تحقق أي مكسب سوى استعبادها وإخراجها للعمل في عصر الثورة الصناعية، وكمحاولة لملائمة مع الفكر الغربي فقد طالبت  بمفاهيم جديدة واعادة قراءة النص الديني بالتركيز في الحجاب وتعدد الزوجات والعمل خارج المنزل وذلك بوساطة المدارس العلمانية والبعثات العلمية فكان الغزو الفكري مكان الاستعمار . فما تقاسيه المرأة من خطاب ديني يغلب عليه السيطرة السياسية والتيارات المتشددة؟ على الرغم من تعدد الأسئلة وما تبرزه من احتياج لمزيد من البحث في علاقة الدين بالتحرر، والتحرر النسوي منه على وجه الخصوص وعما تواجهه المرأة المسلمة من تحديات كان لنا لقاء مع بعض شرائح المجتمع لنأخذ أراءهم بذلك.

فكان لقاؤنا مع الأخت هند -  ماجستير شريعة – التي أجابت عن سؤالنا بالقول :

إن أكبر تحدي تواجهه المرأة المسلمة في العصر الحالي ، هو انعقاد المؤتمرات الدولية التي تهتم بقضايا المرأة ، كإتفاقية إلغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة ( السيداو) التي صدرت في العام 1979م . و مضت إلى القول إن دور وسائل الإعلام في هذه الحالة ينبغي أن يكون قويا بفضح أهداف هذه الاتفاقيات وما ترمي إليه من إفساد المجتمعات المسلمة، وإشاعة الإباحية والانحلال، فينبغي أن يسلط الضوء على ما يتعلق بفتاوى الأسرة والأحوال الشخصية . كما ينبغي تكاتف الجهود للعمل على إنشاء قنوات تعليمية تربوية تختص بتعليم المرأة المسلمة ولو عن بعد في مختلف العلوم الشرعية كما يحصل. الآن في أزهر البقاع بوساطة الثانوية الشرعية وكلية الشريعة.

 بينما رأى حسام – صاحب مكتبة – أن ما تحتاجه المرأة هو الدعم الإعلامي الإسلامي للفعاليات التي تهتم بإظهار الصورة المضيئة للمرأة المسلمة، كذلك إقامة البرامج الحوارية التي تتحدث عن مواضيع المرأة المسلمة والتي تعتمد على إبراز الرأي الصحيح والرأي المخالف للشرعيةالإسلامية  والعمل على الرد بالحجة الصحيحة التي تحمل وجهة النظر الصحيحة بوساطة اختيار علماء ومتخصصين في الشريعة والتربية والاجتماع، وغيرهم من الدعاة والمفكرين الذين يحملون هم الدعوة الإسلامية وذلك لمعرفة كيف يفكر الطرف الآخر المخالف وإقامة الحجة عليه. 

" غايتهم الوصول إلى عالم منقلب على فطرته تسقط فيه الأسرة والعفاف والحياء والرجولة والأنوثة، هكذا بدأت حديثها  سعاد- مديرة مختبر –  لقد نجحوا بشكل لم يكن العقل ليصدقه في الغرب ويعملون على جر بلادنا لهذا الأتون مستخدمين ذريعة الحقوق، و يتحدثون عن التحرش ولا يتحدثون عن أسبابه لأن الحقيقة هي أن القضاء على التحرش لا يهمهم ، لكن المهم لديهم النجاح في الوصول إلى أنظمة تعطي الفتيات حق عرض أنفسهن بدون وازع ديني أو حياء ومن غير خوف من أي تعرض لهن في أسوء أحوالهن ،بينما المقصود بمنع التحرش بالفتيات منع التعرض لهن مطلقا."

 وتبين لمى – تخصص علم اجتماع - أن القراءة الخاطئة هي ما ينتج الممارسات الخاطئة.. فالخطاب الذي يحدد المرأة المثالية يساهم في التأثير على المرأة في الواقع. وبضرورة تقويم الحكم بما يتفق وعصرنا وواقعنا، كما أشارت إلى أهمية فهم المقصد، مشيرةً إلى ضرورة قراءة القرآن مع التأكيد على مبدأ العدل، والذي لا بد من الإصرار عليه كمبدأ أساسي فيما يتعلق بقضية المرأة. فالعدل هو اعطاء كل أحد ما يستحقه ولهذا لم يأت في القرآن أبداً ان الله يأمر بالتسوية لكن جاء:"إن الله يأمر بالعدل"سورة النحل :90 .وعليه فالإسلام لم يساو بين المرأة والرجل في الأمور التي لو ساوى بينهما لظلم أحدهما .

و ترى إلهام – معلمة  – إن تضخيم الحالات الفردية الخاطئة والحديث عنها بغزارة وتصويرها وكأنها وباء اجتماعي يقع في كل بيت ذلك ما هو الإ للوصول إلى وضع نظام كلي يتماشى والفكر النسوي، مثال ذلك زواج القاصرات من طاعنين في السن يتم تصويره عندهم وكأنه أمر يقع في كل بيت للوصول إلى تحديد سن الزواج بـ١٨سنة لترويج العلاقات غير الشرعية بين الشباب بل وتسهيلها بالتحدث عن الإجهاض الآمن وفي بلوغ أعلى مستوى ممكن من الصحة الانجابية والجنسية.وفي المقابل لا يتحدثون عن العنوسة ولا يبحثون عن حل لمشكلة تأخر الشباب في الزواج، لأن الحقيقة هي أن مشكلة الشباب مع الزواج وليست مشكلته مع عدم الزواج أو إيجاد بدائل للعنوسة غير الزواج.

 وفي سياق متقارب يرى محمود- محامي - أن التعامل الأمثل والأنسب لمحاربة (الطغيان/الإهمال) الذكوري ضد الأنثى يتجلى في سحب الرجل نحو الأسرة وواجبه المجتمعي، وليس بإخراج الأنثى من سياقها ووضعها في مقابلة تنافسية معه؛ لأن في هذه الحال ستتفكك الأسرة وأثر ذلك على تفكيك الدور المناط  به هذه الأمة؛ لأنها الحلقة الوسيطة بين الفرد والمجتمع التي يتحول بدونها لمجموعة من العناصر المتنافرة. ، فهل نكون حينها بشأن استبدال طغيان أبوي قديم بهجومٍ نسوي يفصل الأسرة ويحطم البنيان لأجل التمرد لا لأجل الدفاع الحقيقي واسترداد الحقوق بالعدل لاستقامة الحياة؟

وعند السؤال عن القوامة، أكثر اشكالية في هذا المجال قالت غادة -طالبة سنة ثالثة شريعة- القوامة تعني القيام على أمر الدين على وفق وفق الشرع، والالتزام بالعدل والقسط فإنها مسؤولية تكليفية على الرجل في أسرته ، بتوفير الحاجات المادية والمعنوية  بما يكفل لها الإشباع، و في توفير الحماية  وهي في كلا المستويين قرينة العدل، فقوامة الرجل على المرأة تعني قيامه على شؤونها وشؤون أسرته والقسط فيها، وهذا بخلاف ما إذا كان التعبير عنها بكلمة سلطة أو نحوها.

و من الجدير بالذكر أن المرأة في الشريعة الإسلامية قد حظيت بمكانةً عاليةً، ولقد عدل الشرع الحنيف بينها وبين الرجل، فأعطاها ما لها، وأوجب عليها ما عليها، منها حقِّ التعليم والتعلُّم، وما يدلُّ على ذلك أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- خصص يوما لتعليمهنَّ أمور دينهنَّ وتفقيههنَّ فيه. كما حظيت المرأة في حقِّ المعاملة الحسنة والرفق بها وما يدلُّ على ذلك أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم- كان آخر ما أوصى به في حجة الوداع هي المرأة. كما نذكر أن للمرأة  حقِّ اختيارها للزوج الصالح، وأعطاها الحقُّ في المشاركة في الحياة السياسة والاجتماعية، و قول النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- خير دليل على ذلك  حيث قال: “كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته، فالإمام راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راعٍ وهو مسؤول عن رعيته”، وبناءً على هذا الحديث يُمكن القول بأنَّ من أهداف الإسلام بناء المجتمع الكامل الذي يكون فيه لكلٍّ من الرجل والمرأةِ دورًا مهمًا ومتكاملًا فيه، ولكلٍ منهم أعطاه الدور الذي يتناسب مع شخصيته وجنسه وقدرته وكفاءته.سوف يكون لنا إن شاء الله في المقال القادم الرد على شبهات التميز بين المرأة والرجل كالميراث والتعدد والطلاق والمهر ... وغيرها من الفروقات .

 ولهذه المناسبة لا يفوتني أن القي الضوء على  كتاب- العلمانية وعلاقتها بعولمة المرأة - للدكتورة إيمان عنتر الذي جاء بعد دراسة قامت بها على شريحة من المجتمع، و كان من النتائج التي توصلت إليها أن المرأة تماثل الرجل في أمور وتفارقه في أخرى، وأكثر أحكام الشريعة الإسلامية تنطبق على الرجال والنساء سواء، وما جاء من التفريق بين الجنسين ينظر اليه المسلم على أنه من رحمة الله وعلمه بخلقه ، وينظر اليه الكافر المكابر على أنه ظلم ، ويظلّ المسلم مطمئناً بالإيمان مستسلماً لأمر الله .ومن التوصيات التي دعت لها أهمية دور الأسرة المسلمة بتسليح المرأة منذ صغرها بالعلم الشرعي لمواجهة شر هذه العولمة وتعزيز الانتماء للعقيدة الإسلامية، وتحذير المرأة والمجتمع من خطر العولمة في تخصيص برامج خاصة بالمرأة والأسرة للتعريف بحقوق المرأة التي أعطاها لها الإسلام وأنها أعظم حقوق من بين الشرائع والأديان، وأخيرا أهمية إعداد كوادر لتوعية المرأة من خطر هذه العولمة بإعداد محاضرات ودورات تدريبية تعرفها على أهداف هذه العولمة الشيطانية التي تريد إفساد المرأة المسلمة وهدم الأسرة وتفككها و في الختام نشكر كل من قدم رأيه في هذه المقالة التي نأمل أن يستفيد منها من يقرأها أيضا.

مقالات أخرى للكاتب

اضف تعليقاً

ابق على اطلاع بالاشتراك بنشرتنا البريدية ...

و ساعدنا في تغيير حياة المزيد